السينما.. ظلام غرفة العرض وأنوار تتراقص على وجوه تراقب الشاشة الكبيرة، ولا تسمع إلا صوت الممثلين وخرفشة الفيشار.. تتعالى الموسيقى الدرامية ويتأثر الحضور بحزن البطلة وصدمتها..
سحر الأفلام السينمائية تجاوز المكان واللغات وكل الحواجز التي تفصل بين الثقافات المختلفة, لكن، لا تزال هوليوود، مهد صناعة السينما، هي المركز ومحط الأنظار. أفلام هوليوود لديها القدرة على الترفيه والإلهام، ولكن في بعض الأحيان نجد أفلام التي قدمت أكثر من المتعة وعالم خيالي تعيش فيه ساعتين من وقتك.
تحولات سينمائية
ليس من الضرورة أن تكون أفضل الأفلام السينمائية على الإطلاق هي ذات الأثر الأعمق، فليس هذا العامل الذي كنت أبحث فيه لأقدمه إليكم، وإنما أن تكون الأفلام ذات أثر عميق في السينما وتسببت في تغيير مفاهيم الصناعة ككل من بعدها.
فيما يلي خمسة أفلام هوليوودية قدمت عناصر غيرت قواعد اللعبة في السينما، كما أتيت لكم أيضاً بجواهر عالمية تركت بصماتها على المشهد السينمائي العالمي.
5 أفلام ثورية غيرت صناعة السينما
- فيلم مغني الجاز The Jazz Singer انتاج 1927
أول فيلم طويل بحوار متزامن
عندما بدأت صناعة الأفلام كانت تصور وتقدم صامتة، بلا حديث من الممثلين، وكانت في حد ذاتها تقدم علمي مذهل في زمنها. حلم تقديم فيلم طويل كصورة وصوت ومشاهد ذات حوار متزامن مع الصورة تحقق مع فيلم “مغني الجاز” The Jazz Singer ليضع نهاية عصر الأفلام الصامتة والبداية الفعلية “الأفلام الناطقة”. فقد أدى نجاحه إلى انتقال سريع إلى الأفلام الصوتية، مما أدى إلى تغيير المشهد السينمائي والصناعة كلها إلى الأبد!
- فيلم المواطن كين Citizen Kane – انتاج 1941
التصوير السينمائي الثوري وتقنيات السرد
قدمت تحفة أورسون ويليس Orson Welles العديد من زوايا الكاميرا المبتكرة، واللقطات ذات التركيز العميق التي تجمع عناصر مختلفة في المقدمة والخلفية في مشهد واحد، ورواية القصص غير الخطية “non-linear”. أثر استخدام “المواطن كين” Citizen Kane أسلوب عرض الذكريات الماضية “flashbacks”، والراوين المتعددين، على أجيال من صناع الأفلام، ولا تزال تدرس في مدارس السينما حتى اليوم.
- فيلم 2001: A Space Odyssey – انتاج 1968
المؤثرات الخاصة الرائدة والسرد الفلسفي
المخرج ستانلي كوبريك Stanley Kubrick هو واحد من أشهر مخرجي أفلام الخيال العلمي Sci-fi، والسر في ذلك ملحمة الخيال العلمي A Space Odyssey: 2001 التي صنعها عام 1968، في امكانيات محدودة بمافيهم عصرنا الحالي. مع ذلك، فقد وضع كوبريك معايير جديدة للمؤثرات الخاصة في الأفلام.
استخدم ستانلي المجسمات الصغيرة، مع زوايا التصوير لإعطائها أبعاداً أخرى، وتقنيات العرض، والمؤثرات العملية بشكل غير مسبوق وأثر على أجيال من صناع الأفلام. فتأثر به وتعلم من أسلوبه عدد من مشاهير الإخراج في هوليوود مثل ستيفن سبيلبرج Steven Spielberg، كما تأثرت به كثيراً سلسلة الأفلام الأشهر ستار وورز Star Wars للمخرج جورج لوكاس George Lucas خاصة في بدايتها عام 1977 بالملحمة الفضائية.
وعلاوة على ذلك، فإن سردها المجرد وخاتمتها المفتوحة للتفسير تحدت الجماهير ووسعت إمكانيات السرد القصصي في السينما في حينها.
اعتقد من استرسالي الحديث عن هذا الفيلم تحديداً تبين لكم أني أفضل أفلام الخيال العلمي، وهي تهمة أعتز بها!
- فيلم الفك المفترس Jaws – انتاج 1975
بداية وميلاد فكرة أفلام الصيف الناجحة
وهذا الفيلم هو أقل الأفلام المتقبلة بالنسبة لي في هذه القائمة، لكن وجوده فيها حسب المعايير التي حددتها للمقال تتطلب حضوره، على مضض مني.. فلم يكتف فيلم ستيفن سبيلبرج المثير بإخافة الجماهير فحسب، بل أنشأ فيلم الفك المفترس Jaws أيضاً نموذجاً لفيلم الصيف الناجح.
لقد غيرت استراتيجية اطلاق الفيلم بشكل موسع، مصحوباً بحملة تسويقية غير مسبوقة، من طريقة توزيع الاستوديوهات للأفلام والترويج لها، مما شكل صناعة السينما حتى يومنا هذا وجدولة اصدار الأفلام حول المواسم والأحداث المهمة، وصناعة الطلب على الفيلم حتى قبل الإصدار، وحتى إن كان غير ناجح.. وأفلام ديزني الحالية مثال لذلك!
- فيلم الماتريكس The Matrix – انتاج 1999
مؤثرات خاصة بصرية ثورية ومزج أنواع الأفلام
قدم فيلم الخيال العلمي والحركة للأخوين واتشوسكي Wachowski مبدأً جديداً في الإخراج الحركي، أطلق عليه “زمن الرصاصة” Bullet Time، وهو أسلوب خاص من المؤثرات تم تقليده حول العالم في الأفلام والألعاب، مثل سلسلة Max Payne الشهيرة وحتى تصوير الأغاني – مثل أغنية “فينه” للفنان المصري هشام عباس!
فيلم “الماتريكس” The Matrix كان بحق حديث الجماهير حول العالم، وكان الفيلم المثالي لإنهاء الألفية الثانية وبدء ما توقعه الناس عصر جديد من التقنية والتقدم العلمي، وهو تحديداً ما تحدث عنه الفيلم. لكن الفيلم أضاف أيضاً شيئاً جديداً ابداعياً، وهو المزيج السلس من السايبربانك Cyberpunk، فنون الدفاع عن النفس، وكذلك الفلسفة، فإلى جانب المؤثرات البصرية المبهرة، وضع الفيلم معياراً جديداً لأفلام الحركة وأثر على السينما والثقافة الشعبية حول العالم إلى يومنا هذا.
فيلمين خيال علمي في القائمة! ليس مقصوداً بالتأكيد لكني سعيد بذلك.
السينما ليست فقط في لوس انجيليس
برغم إنها بدأت فيه، لكن هذه الصناعة لها معجبيها وروادها حول العالم، فلا يمكن قصر القائمة فقط على هوليوود,
دعوني أختار لكم عدد من الأفلام من حول العالم التي بدورها أثرت في الصناعة، سواء محلياً أو عالمياً.
3 أفلام دولية غيرت السينما
- فيلم راشومون Rashomon – اليابان – انتاج 1950
قدم فيلم “راشومون” للمخرج الياباني أكيرا كوروساوا Akira Kurosawa مفهوم السرد المتعدد المتناقض للسينما. وقد تم تقليد أسلوبه المبتكر في سرد القصص، والذي يروي نفس الحدث لكن من خلال وجهات نظر مختلفة، على نطاق واسع وأثر على صناعة العديد من الأفلام والمسلسلات حول العالم.
- فيلم معركة الجزائر The Battle of Algiers الجزائر/إيطاليا – انتاج 1966
مسح الفيلم الوثائقي الدرامي الثوري “معركة الجزائر” للمخرج جيلو بونتيكورفو Gillo Pontecorvo الخطوط الفاصلة بين صناعة الأفلام الخيالية والواقعية. وقد أثر أسلوبه الواقعي الجريء على العديد من الأفلام السياسية والوثائقية، حيث أظهر كيف يمكن استخدام السينما كأداة قوية للتعليق الاجتماعي.
- فيلم باب الحديد Cairo Station – مصر – انتاج 1958
يوسف شاهين هو أحد رواد السينما المصرية وخاصة الروائية الواقعية، وفيلم باب الحديد هو من أوائل الأفلام المصرية التي نالت شهرة دولية. تناول الفيلم موضوعات محظورة، وظهرت فيه الشخصية المعقدة كبطل الفيلم، وهو أمر غير معتاد في السينما المصرية في ذلك الوقت. ساعد فيلم “محطة القاهرة” أو باب الحديد في وضع السينما المصرية على خريطة العالم وأثر على تطور الواقعية في السينما العربية ككل.
دورك الآن: ما الذي فاتني؟
لم تقتصر هذه الأفلام، سواء من هوليوود أو من مختلف أنحاء العالم، على اعطاء الترفيه للجماهير وعالم بديل فحسب، بل إنها غيرت نسيج صناعة السينما ذاته، وأثرت على كيفية صنع الأفلام وتوزيعها بل وتسويقها. لكن السينما انتاجها واسع، وهي متغيرة باستمرار، وهناك عدد لا يحصى من الأفلام التي تركت بصماتها.
ما هي الأفلام التي تعتقد أنه كان ينبغي إدراجها في هذه القائمة؟ شاركنا بأفكارك واقتراحاتك في التعليقات أدناه!